ارتفاع عدد حالات الانتحار في الأردن ولم يسلم منها الأطفال





مع دخول العام الجديد؛ نشرت اخبار حالات فرضت علينا التوقف عندها، في مقدمها الانتحار، خاصة بين الاطفال، فقد اختار طفل في الزرقاء يبلغ من العمر9 سنوات ان ينهي سخرية اصدقائه من يده المشوهة من خلال مفارقته للحياة فقد ضاق ذرعا بهم فاختار طريقة بسيطة للانتحار؛ فقد احضر حزاما جلديا قام بربط طرفه بخزانة الملابس ولف طرفه الآخر حول عنقه وتدلى به حتى فارق الحياة.

حمل عادل والد الطفل المجتمع جزءا من مسؤولية انتحار ابنه، كما حمل وسائل الاعلام عدم الدقة في نقــــــــل الاحداث والاخبار تضـــــــمنت اســـــاءات للعائلة المنكوبة.

روى عادل لـ"العرب اليوم": ان ابنه عاد في يوم الحادث من المدرسة وكان يبكي وسأله شقيقه عن سبب بكائه فأجاب: ان الاولاد يسخرون منه وينادونه "ابو يد مقطوعه" بسبب الاعاقة التي في يده ولم يأخذ الاهل بكاء المرحوم بشكل جدي، ثم بدأت امه تدريسه على امتـــــــحان مادة التربية الاسلامية بحضور شقيقه.

اضاف الوالد: ان الوالدة كانت تعمل في المطبخ بالتزامن مع تدريسها المرحوم وبعد عودتها الى المطبخ اخبر شقيقه انه يريد الانتحار واحضر حزاما وبدأ بتعليقه في الغرفة وفي الاثناء كان جرس المنزل يـــــدق فــــــــخرج شقــــــــيقه وبعــــــد العـــــــودة وجــــــده "قد شنق نفسه".

وفي حادثة اخرى قام شاب عشريني بشنق نفسه بحبل وقد تم تحويل جثة الشاب الى الطب الشرعي في اقليم الشمال بمحافظة العاصمة، وتلك الحالة تعتبر الثانية خلال يومين اذ اقدم شاب اخر على انهاء حياته شنقا في قرية ابو هابيل بالاغوار الشمالية.

قد يكون الانتحار شيئا طبيعيا في المجتمعات الأوروبية، لاختلاف طبيعة المجتمع وغياب الوازع الديني، ولكن المفاجأة هي تحول "الانتحار" إلى ظاهرة في بعض البلاد العربية ومنها الاردن، فذلك الطفل الذي لا يريد شيئا من الحياة سوى لعبة أو اصدقاء يلعبون معه ما ذنبه أن يقع ضحية سخرية اصدقائه وكيف تخطر بباله بالاصل فكرة الانتحار وهو لم يتجاوز التسع سنوات.

اليأس والفراغ وغياب الوازع الديني والبطالة من الاسباب التي تدفع الشباب للانتحار فأين دور المجتمع والدولة في تصويب افكارهم، يقول الباحثون إن أبرز سبب يملأ نفوس الشباب إحباطا ويسوقهم إلى مهالك التفكير في الانتحار هو انسداد باب الحصــــــــــول على وظيـــفة يبني الواحد منهم عليها مستقبله.

وتظهر الإحصاءات الرسمية ارتفاعا ملحوظا في حالات الانتحار، إذ تشير الأرقام الرسمية إلى وقوع 57 حالة انتحار في عام 2012، حسب تقرير نشره المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وهو رقم يزيد بنحو أقل من النصف (46 %)، عن عدد حالات الانتحار المسجلة في عام 2011، البالغة 39 حالة، حسب إحصاءات إدارة المعلومات الجنائية في مديرية الأمن العام.

ويتصدر الأجانب قائمة المنتحرين في المملكة، حسب أرقام عام 2011، إذ ينفذون نحو ربع (23 %) من حالات الانتحار، في حين ينفذ الأطفال نحو 18 % من حالات الانتحار في المملكة.

وتظهر الأرقام أن نحو 7 % فقط من المنتحرين من دون عمل، ويرتكب من هم على مقاعد الدراسة 8 % من حالات الانتحار. ويتركز ثلث محاولات الانتحار في محافظة العاصمة، وتليها محافظات إربد والبلقاء والزرقاء. هذه الارقام هي الحالات المبلغ عنها فقط حيث ان هناك العديد من حالات الانتحار ومحاولات الانتحار التي لا يتم التبليغ عنها لان الانتحار يعتبر وصمة عار من الناحية الاجتماعية كما أنه محرم شرعا لذا يلجأ الكثيرون الى التستر على تلك المحاولات خوفا من العار وتجنبا للمساءلة القانونية.

خبير علم الاجتماع في الجامعة الاردنية د. مجدي الدين خمش قال: ان الربيع العربي بدأ بحالات انتحار في تونس والاعلام قام بالتركيز على تلك القضايا واعطاها صورة براقة فخلق عند الناس ان الانتحار وسيلة للاحتجاج فأصبح المعظم يقلد تلك الوسيلة في اظهار مشاعره.

يضيف خمش: ان العلاقات الاسرية غير السليمة هي اساس حالات الانتحار وتعد اهم من الفقر والبطالة فموقف الاسرة من الفرد عامل مهم كذلك موقف الجماعات المرجعية للفرد كأصدقائه تعد عاملا مهما، فإذا كانت العلاقات الاسرية متينة تدفع بالفرد لتحمل الظروف اما اذا كانت العلاقة متوترة فتدفع الى الانتحار او الى محاولة الانتحار وذلك لمعاقبة الاسرة.

الطفل يميل الى اكتشاف الامور التي سمع عنها أو التي شهادها في التلفاز حسب د. علم النفس في الجامعة الاردنية يوسف قطامي، فيريد ان يعرف اذا كــــــــانت حقـــــــــيقية ام لا فالاطـــــــــفال ليس لديهم منطق متزن.

يشير قطامي الى سبب اخر يدفع الاطفال الى الانتحار وهو الاهمال من قبل الاسرة والعدد الكبير للاطفال في العائلة الواحدة اضافة الى صعوبات يعاني منها الوالدان كالمشاكل الاسرية، وهناك ايضا اسباب تتعلق بالطفل شخصيا كشعوره بانه عاجز عن القيام بامر معين يقوم به اقرانه عادة، واحساسه بانه غير مرغوب فيه اما في الاسرة او بين اصدقائه ففقدان الشعبية بين الاصدقاء يعد عاملا مهما، لذا تتولد لدى الاطفال حالة عالية من الاحباط بسبب وجود معوقــــــــات كثيرة لديهم مـــــــــا يؤدي الى مـــــحاولتهم للانتحار.

الشباب ينطبق عليهم التفسير النفساني نفسه الخاص بالاطفال حسب قطامي الا ان دوافع الشباب لشعورهم بالاحباط يعد اعلى من الاطفال وذلك يعود لحاجاتهم الاكبر وشعورهم بعدم الانجاز وضيق الحياة من النواحي الاقتصادية والشعور بقلة القيمة.

يقول قطامي ان الشباب تتولد لديهم حالة من التساؤلات خاصة في مرحلة المراهقة مثل هل تستحق الحياة أن تُعاش؟ ولن اجعل احدا يحدد مصيري، ما يسبب لديهم حالة من عدم الاتزان ما يؤدي الى وقوعهم في مـــــــشاكل نفسانية كثيرة تؤدي الى الانتحار.

وكان للعلم التربوي رأي اضافي في الموضوع فقال الخبير التربوي حسني عياش: ان حالة الاضطهاد التي يعيشها الطفل والشباب ايضا من قبل الاسرة والمدرسة والاصدقاء تجعلهم يصلون الى حالة من عدم التحمل تصل بهم الى الانتحار.

الانتحار اصبح مخرجا لمن يشعر بالاحباط وانعدام فرص البقاء الكريم امامه حسب عياش وان هناك اسبابا اخرى تقع على عاتق التربية والتعليم في تقصيرها في تكوين الاحترام المتبادل لدى الشباب وانه غير مسؤول عن شكله او لونه او اعاقته وانه يجب مد يد المساعدة لبعضهم .

اشار عياش الى ان هذه التربية الصحيحة غير موجودة في المدارس والجامعات وحتى داخل الاسر، فعلى الجميع أن يُعلموا ابناءهم ان العجز والنقص لدى زميل او قريب ممكن ان يصيب احدهم ذات يوم وانه يجب عليهم احترامه ومساعدته وتقديم الدعم النفساني بقدر ما يحتاجه كي نستطيع أن نبني جيلا قادرا على العيش الكريم والتوافق الايجابي.

0 التعليقات:

لعبة من سيربح المليون لعبة زوما